الخميس، 7 أكتوبر 2010

قصة السباق بين العرب واليابانيين


يُحكى في قديم الزمان أن شركة عربية أعدّت فريقًا للمشاركة فى المسابقات الكبرى للتجديف،
وبعد أن تم إعداد هذا الفريق جيدا فقد اتفقت هذه الشركة مع شركة يابانية على إقامة سباق سنوي للتجديف.
واتفقوا على المشاركة بتسعة لاعبين من كل فريق .

طوال أشهرٍ، عمل الفريقان على الاستعداد للمنافسة بكل جهدهم، آملين بتحقيق نصر كبير لشركتيهما، وقد كانت التجهيزات والإستعدادات لدى الفريقين متشابهة تماما .

بدأ السباق في الموعد المحدّد له، وانقضت فترة عصيبة قبل أن ينتهي السباق.. وكانت النتيجة:

فوز فريق الشركة اليابانية متقدمًا على فريق الشركة العربية بعشر دقائق .

كانت النتيجة محبطةً لفريق الشركة العربية وإدارته على السواء ، فغضب العرب كثيرا، وانفعلوا وتعكر مزاجهم، مما جعل المدير الأعلى يقرر بأنه يجب أن يفوز بالسباق في السنة القادمة.. لذا قام بتأسيس فريق من المحللين لملاحظة ومراقبة السباق وتقديم الحلول المناسبة، وبعد البحث والتقصي الذي استمر عدة أسابيع، اكتشف فريق المحللين بأن الخلل يكمن في الهيكل الإداري للفريق حيث لاحظوا إختلافا في الهيكل بين الفريق العربي والفريق الياباني.

حينها أظهرت الإدارة العليا حلاً حكيماً وغير متوقع، هلل له الإعلام المحلي والإقليمي كثيراً واعتبره فتحاً في التعامل الإداري مع المواقف الصعبة، حيث تمثل الحل في الاستعانة بشركة استشارات متخصصة لإعادة هيكلة الفريق العربي.

بعد شهور عديدة من العمل المضني توصل المستشارون إلى مكمن الخلل:

• يتكوّن فريق الشركة اليابانية من ثمانية لاعبي تجديف تحت إشراف كابتن واحد
• بينما يتكوّن فريق الشركة العربية من لاعب تجديف واحد، وثمانية مدراء

بالتدقيق والفهم الدقيق لتقرير المجموعة الاستشارية، وبعد إمعان التفكير، اهتدت إدارة الفريق إلى فكرة ذكية:
بأن تكلف هيئة فنية لإعادة تشكيل هيكل فريق الشركة العربية

.. وعملت الهيئة الفنية واللجان المنبثقة منها: (لجنة إعادة التشكيل، ولجنة الاختبار، ولجنة الرقابة، ولجنة النتائج النهائية) في جوٍّ من العمل الجاد طوال أسابيع مضنية خرجوا بعده بالتقرير النهائي.

تقرير الهيئة الفنية:
1- يتكون الفريق من عدد كبير من المدراء ولاعب تجديف واحد.
2- البنية الأفقية للفريق تفقده أهم عناصر نجاحه؛ وهي : تسلسل القرار الإداري.
3- البنية الأفقية للفريق تقلّل من مسؤوليات القادة (الرؤساء) .
4- تعدد مصادر القرار يجعل من السهل على لاعب التجديف الهروب من مسؤوليته باتباع أسهل القرارات عليه.

توصيات الهيئة الفنية:
1- إعادة تشكيل فريق الشركة العربية.
2- اعتماد البنية الهرمية للفريق لتكسبه التسلسل المنطقي في القرار الإداري.
3- يكون التشكيل الجديد كما يلي:

مدير عام واحد ، وثلاث مديري دوائر، وأربع رؤساء اقسام ، و مجدف واحد

في السنة الثانية تم إجراء السباق للمرة الثانية، وكان العرب على ثقة مطلقة من فوزهم بالسباق ولم يكن لديهم أدنى شك في ذلك،

إلا أن الفريق الياباني فاز بفارق عشرين دقيقة هذه المرة ،

وشكل ذلك صدمة جديدة وضربة قوية للعرب، وبدأت الصحافة تكتب وتستنكر وتذكر بأن هنالك مؤامرة وأن هنالك عدم حيادية بالتحكيم ، وبأن النتائج كانت خاطئة ، وبدأت كذلك النقاشات والحوارات والتحليلات حول الخطة والتكتيك والتحكيم والمدرب إضافة إلى الرأي بالشركة الإستشارية.

وتم السماح أو الإيعاز إلى وسائل الإعلام ومنتديات الإنترنت بإتاحة الفرصة للجميع للتعبير عن مخزون الألم والغضب لديهم جراء هذه الهزيمة الثقيلة، تقديراً ومشاركة لمشاعرهم الوطنية.

ثم اجتمعت إدارة الشركة وتم التباحث بالموضوع مرة أخرى، وبعد بحث ودراسة الموضوع لعدة أيام متتالية ، فقد تم الوصول إلى أن الخلل هو في الشركة الإستشارية لذلك فقد تم الإتفاق على إيجاد شركة إستشارية بديلة لتحليل ودراسة الخلل من جديد ،

تم البحث وإيجاد شركة إستشارية جديدة ، وتم إحالة العطاء عليها للقيام بتحليل جديد لما حدث، وظهر التحليل الجديد مبيناً بأن الاستراتيجية كانت جيدة، إلا أن قدرات التجديف محدودة ، وذلك بسبب كثرة الإدارات والمسؤولين والتركيز على الإدارات العليا مع تقليل شأن الجهات التنفيذية، لذلك فقد تم تقليل عدد الإدارات والمسؤولين وتغيير التشكيلة الإدارية وفقا لما يلي:

مدير عام واحد ، ومدير دائرة ، ومدير قسم ، وأربع مشرفين تجديف ، ومجدف واحد

وكذلك أوصو بأن يتم تطوير بيئة عمل الشخص المجدف، وأن يقدموا له حوافز أعلى، من مكافآت وهدايا وغيرها.
فعملت الإدارة جاهدة على ذلك،

وعندما جاء موعد السباق المنظور للسنة الثالثة على التوالي وعندما انتهى السباق كانت الصدمة العظيمة الجديدة:

فاز اليابانيون بفارق ساعة كاملة

صعقت إدارة الشركة ، وعقدوا اجتماعا طارئا استمر لساعات طويلة ، ألقوا في نهايته اللوم على الشركة الإستشارية التي طالبوها بتوضيح رأيها فيما حصل ،

فقامت شركة الاستشارات بتحضير تحليل جديد أظهر بأن الاستراتيجية كانت جيدة، والحوافز كانت مناسبة ، ولكن الأدوات المستخدمة يجب تطويرها

إلا أن مجلس الإدارة لم يقتنع برأي الشركة هذه وقرر الإجتماع بلجنة كبيرة مشكلة من ممثلين عن مجموعة كبيرة من الشركات الإستشارية حيث استمر الإجتماع لأيام طويلة تمخض عنها القرار التالي:

يجب محاسبة كافة المسؤولين عن هذه الخسارة ومعاقبتهم،

لذلك فقد تم إنهاء خدمات المجدف الوحيد والبحث عن بديل له.

وقد تم بعد ذلك تقديم مكافأة تشجيعية للإدارة، نظراً لمستواها العالي الذي قدمته خلال مرحلة التحضير

وتعكف إدارة الشركة العربية الآن فى دراسة قرار تعيين لجنة فنية لتصميم قارب جديد لسباق السنة القادمة، وذلك عن طريق إحدى الشركات العالمية المتخصصة و تحت إشراف فريق من جهة سبق لها القيام بجولات عالمية لاختيار التصميم المناسب والشركة الأفضل للتنفيذ.

أما وسائل الإعلام فقليل منها لازال يواصل الندب والنواح والصراخ تجاه ما حدث وكثير منها يهلل ويبشر بالخطوات الإصلاحية الجديدة.

ليست هناك تعليقات: