الخميس، 7 أكتوبر 2010

كيف ممكن أن تتعقد الأمور

يحكى أنه كان هنالك شخص مسجون ومحكوم عليه بالإعدام، وقبل يوم من موعد الإعدام حضر إليه الملك وقال له : سوف أعطيك فرصة أخيرة للنجاة من حكم الإعدام، سأضعك في سجن القلعة المعروف عنه أنه من سابع المستحيلات أن يهرب منه أي شخص فهو محصن جدا وممتلئ بالحرس ، إلا إنني قد وضعت لك مخرجا وعليك أن تجده، فإن وجدته وخرجت فقد نجوت.
فرح السجين كثيرا لذلك، وبعد أن تم وضعه في ذلك السجن أخذ يفكر بأن لديه فقط 12 ساعة وعليه أن يجد المخرج وإلا فسيموت، فأخذ يدور ويبحث في الغرفة حتى وجد سجادة ملقاة على الأرض في وسط السجن، فرفع هذه السجادة وإذ به يجد بابا كبيرا على الأرض فقام برفعه بصعوبة، فوجد درجا يؤدي إلى الأسفل، وكان هذا الدرج متهالك، فنزل من هذا الدرج وسار في طريق حتى وصل كهفا، فدخل هذا الكهف فوجد درجا يؤدي إلى الأعلى فصعد عليه حتى دخل كهفا آخر فوجد درجا آخر فصعده حتى رأى نورا بسيطا فتبع النور في سراديب طويلة حتى وصل إلى فتحة فأراد أن يخرج منها وإذ به يجد خلفها وادي سحيق جدا حيث كانت هذه الفتحة على قمة جبل عالي، فأصابه الرعب لمجرد النظر إلى هذا الوادي وكان متيقنا من أنه لو تحرك خطوة فسيلقى حتفه بكل تأكيد، فحدثته نفسه بأن الملك قد يكون يلهو ويتسلى به أو أنه يريد أن يتعبه حتى لا يقاوم عند إعدامه، فقرر أن يعود، وفي طريق العودة أخذ يفكر كثيرا لعله يوجد فعلا مخرج آخر، وبينما هو يسير في طريق العودة وهو ينزل على الدرج لاحظ وجود بضعة درجات متهالكة فاقترب منها وضربها بقدمه فلاحظ أن الطوب يهتز فأصبح لديه بصيص أمل، فاتجه نحو صخرة صغيرة في الجدار الجانبي مما يبدو عليه بأنه ممكن خلعه، فحاول لأكثر من ساعة بأن يخلعه حتى خرجت معه هذه الصخرة مع مجموعة حجارة، فأخذ حجرا منها ثم أخذ يضرب به على الأرض بقوة ثم أخذ صخرة أكبر وأخذ يرميها مرارا ومرارا على الأرض حتى انهارت مجموعة كبيرة من الطوب على الأرض وإذ به يرى فتحة خلفها سرداب ، ففرح ونزل به وكان جازما بأن هذا هو المهرب، فسار إلى اليمين ، يسير والظلام دامس وقد شعر بالرهبة ، إلا أنه بقي يسير ويتحسس طريقه في الظلام لعله يجد الطريق حتى وصل إلى مكان ضيق جدا فأخذ يزحف، إلا أنه اكتشف بأن الطريق مغلق ، فعاد أدراجه خوفا من أن يلقى حتفه، وأخذ يحدث نفسه في طريق العودة بأن الملك قد يكون أراده أن يموت بهذه الطريقة إما خنقا وإما أن يسقط من مكان مرتفع أو ما إلى ذلك، فأصيب بالإحباط وقرر أن يعود حيث أتى ، فأخذ يزحف حتى وصل الفتحة التي دخل منها، وعندما هم بالخروج فكر أن يجرب الجهة الأخرى من السرداب، فسار فيها وبقي يسير ثم يزحف وهو يتحسس طريقه في الظلام حتى وصل إلى طريق مغلق ، إلا أنه عندما تحسس للأعلى فقد عرف بأن هنالك طريقا مائلة إلى الأعلى، فأخذ يحاول الصعود ثم ينزلق ثم يحاول وبعد أكثر من نصف ساعة من المحاولات وصل للأعلى فسار إلى الأمام حيث كانت الطريق أوسع، وسار حتى وجد نورا في أخر السرداب، ففرح كثيرا وأخذ يسير بسرعة حتى وجد أشجارا كثيفة تسد الطريق ، ففرح تيقنا منه بأنه طالما يوجد شجر فقد وصل إلى المخرج فهو يعتبر خارج القلعة المسجون فيها ، وعندما اقترب أكثر فقد سمع صوت خرير الماء الذي يدل على نهر أو شلال، فزاد فرحا، ثم أراد المرور من وسط هذه الأشجار فوجدها تغلق الطريق تماما ولم يكن لديه هنالك أي سبيل للعبور، فأخذ بالتفكير ، وبينما هو ينظر إلى الأرض فرأى حجارة من الصوان فأخذ أحدها وبدأ يضرب به على الشجر وكان شديد القساوة ، وأخذ يضرب ويضرب حتى يئس أخيرا وضرب الحجر بالأرض بعصبية شديدة، فارتطم الحجر بالحجارة الأخرى على الأرض مصدرا الشرار، فخطرت بباله فكرة، فجمع قليلا من أوراق الشجر وأمسك حجرين صوان وأخذ يضرب بهما حتى أشعل نارا ، فوضع النار على الشجر فاشتعل الشجر وانتظر حتى اشتعل بشكل كامل، ودخل إلى الجهة الأخرى ، وكان شديد الفرح حيث ازداد الضوء وسار حتى وصل إلى فتحة مغلقة بقضبان الحديد ، وكان على الطرف الآخر نهر ، فأصيب بخيبة أمل شديدة، وأخذ يحاول إزالة الحديد بكافة الوسائل فوجد ذلك مستحيل ، فعاد في الطريق نفسه وبقي يمشي لأكثر من ساعة في طريق العودة حتى وصل الفتحة التي جاء منها، ثم سار في نفس الطريق الذي يعيده إلى الباب في أرض السجن حتى وصل الدرج الذي يؤدي إلى هذه الفتحة وكان هنالك كومة من الحجارة التي يبدو أنها ناتجة عن إنهيار سابق، وكان منهكا من التعب فجلس عليها ليستريح وهو يفكر بما أخبره به الملك ويفكر بأنه يضحك عليه لأنه لا يوجد فعلا أي سبيل للخروج، وعندما أوشك أن يغفو نهض وصعد الدرج ودخل إلى غرفة السجن، وأثناء صعوده وهو ينظر إلى الأعلى لاحظ أن هنالك فتحة في أعلى السقف ولكن لا يظهر ما خلفها ، فأخذ يفكر كيف يصعد إلى هناك حتى خطرت بباله فكرة ألا وهي أن يقوم بتصفيف الحجارة التي كانت أسفل الدرج حتى تمكنه من الصعود والوصول للفتحة في الأعلى، فأخذ ينزل ويتناول حجرا حجرا ويصففها فوق بعضها واستمر على هذا الحال لأكثر من ساعتين حتى وصل السقف ووصل هذه الفتحة فمد نفسه للأعلى وأمسك بطرف الفتحة حتى دخل فيها وكانت بحجمه بالضبط وزحف فيها حتى وجد في آخرها فتحة صغيرة تؤدي للأعلى وعلى ما يبدو بأنها فتحة تهوية تسير إلى أعلى القلعة ومن المستحيل الدخول منها، فعاد وأخذ بالنزول على الحجارة التي جمعها وبينما هو ينزل إنهارت الحجارة وسقط على الأرض وكسرت يده، فأخذ يصرخ من الألم ووقف على سياج السجن بجانب البوابة وأخذ يصرخ ويصرخ وينادي الحرس ولكن لا أحد يسمعه وكأن جميع الحرس قد اختفى، فجلس على الأرض محبطا ومرهقا ومتألما ، وأخذ يفكر بأنه لم يتبقى لديه إلا ساعتين فقط لتنفيذ حكم الإعدام وبات شبه متيقن بأن الملك إما أراد أن يهزأ به ويتسلى عليه أو أراده أن يموت لوحده أو أراده أن يكون متعبا حتى لا يقاوم عند إعدامه، ثم خطر بباله أن يحاول آخر محاولة فقد لاحظ أحد جهات حائط الغرفة متشققا، وكان يعرف ماذا يوجد خلف الجهات الأخرى إلا هذه الجهة فتوقع أن تؤدي هذه الجهة إلى منطقة خارجية، فأمسك حجرا وأخذ يضرب به على الحائط وكان يحس بأن الحئط يهتز مع الضرب فيبدأ بالتفاؤل، فأخذ يضرب ويضرب على الحائط حتى يعمل فتحة فيه، وكان ينهار التراب عن الحائط بشكل بطيء جدا، حتى أحس بأن قواه قد خارت ، فجلس على الأرض ليستريح فأخذته الغفوة ولم يستيقظ إلا على صوت الحرس وهم يقولان له : إستيقظ إستيقظ ، ففتح عينيه ليجد الملك يقف فوق رأسه وهو يقول له: لقد حان موعد اعدامك ، وسأله: ألم تستطع الهرب من المكان الذي تركته لك؟ فأجابه : أنت لم تترك لي أي وسيلة بل إنك أردت الإستهزاء بي لأنني جربت كافة الوسائل والطرق ولم تنجح.
فأجابه الملك، بل تركت لك طريقا واحدة أيها الأبله، فدهش الرجل وسأل الملك عن هذا الطريق فأجابه : لقد تركت قفل باب السجن مفتوحا وأمرت جميع الحراس بمغادرة السجن في إجازة ، فكان السجن خاليا من الحراس والباب مفتوح فكان بإمكانك مغادرة السجن والهرب بسهولة ويسر لكنك عقدت الأمور وجنيت على نفسك، فذهل الرجل وحزن كثيرا.

والعبرة هي:
لاتعقد الامور اكثر مما هي عليه فقد تكون الحلول المثالية بأبسط الأشياء

ليست هناك تعليقات: